دائماً ما يشير مصطلح تطوير الذات إلى الحصول على المزيد فتعلم مهارات جديدة أي المزيد من الأمور في الحياة وتغيير الروتين والسلوك يزيد من المهام أيضا. ولكن بالنسبة للنساء سيكون الأمر مختلفاً بعض الشيء حيث أن تطوير الذات للمرأة قد يعني في أغلب الأحيان التخلي عن كل شيء لم يعد يخدمك. وفي هذا المقال على أدفايز تانك سأتحدث عن مفهوم تطوير الذات للمرأة وخطوات القيام بذلك والأخطاء الشائعة في بناء الشخصية.
مفهوم تطوير الذات للمرأة
يبدأ تطوير الذات في فهم نظرة المجتمع ونمط الحياة الذي يفرضه بشكل عام. وبالنسبة لنا كنساء تم تربيتنا منذ الولادة على أن نعطي أكثر وأن نفعل أكثر وأن نكون أكثر ممّا نحن عليه. وهذه المقاييس تخبرنا بشكل غير مباشر أننّا لسنا جيدات بما فيه الكفاية وتقودنا بشكل فطري إلى أن نسعى دائماً لنصبح أكثر ممّا نحن عليه.
من ناحية أخرى التعريف المتداول عن تطوير الذات هو الخطوات التي يتخذها الفرد لتحسين الشخصية والعادات والسلوكيات وتغييرها لتصبح شخصاً أفضل. والمشكلة الحقيقية في هذا التعريف أنه يرتكز على التحسين الدائم إذ يفترض بأنك لست كافياً بوضعك هذا ولتطور من نفسك عليك أن تفعل شيئاً أو أن تكون شيئاً آخر.
إذا ما أسقطنا هذا التعريف على البيئة التي نشأت فيها النساء نجد أن هذا المفهوم هو النمط الطبيعي الذي تنشأ عليه معظم النساء خصوصا في العالم العربي. لذا دعونا نتوقف قليلاً وننظر إلى هذا المفهوم ومدى توافقه مع النمط الذي تعيشه النساء. بصراحة يخطر ببالي سؤالين لماذا سيكون شكل التحسن بناء على معايير شخص آخر؟ ومن الذي يحدد المعايير والهدف النهائي؟
من وجهة نظري كاستشارية في تطوير الذات أرى أن من يحدد كل ذلك هو أنتِ. قبل السعي إلى التغيير والتطوير وكل تلك الأمور انظري إلى الصفات الحسنة فيكي وقفي عندها لبرهة. هل حقاً تحتاجين للتحسين؟ في حال كانت لديك بعض الصفات التي لا تحبينها أنتِ لا المجتمع ستكون هذه الصفات هي ما يحتاج إلى تحسين فقط. بالتالي يمكن القول بأن تطوير الذات للمرأة يبدأ من قياس الأمور والصفات من وجهة النظر الشخصية لا من وجهة نظر المجتمع.
الأخطاء التي ترتكبها معظم النساء في رحلة تطوير الذات
كما ذكرنا سابقاً عند السعي إلى تطوير الذات دائماً ما ننشغل بإنجاز المزيد والمزيد من المهام. ممّا يجعل رحلة بناء الشخصية تتطلب المزيد من العمل الجاد بالتالي نعمل بجد لكي ننجز مهمتنا. وإذا لم ننجح نبذل المزيد من الجهد أيضا. وهذا التصرف يؤدي إلى الإرهاق خصوصا عند بذل جهود تفوق طاقاتنا.
يومياً أرى الكثير من النساء يبذلن قصارى جهدهن ويلتحقن بأكبر عدد من دورات تطوير الذات للمرأة ويخضعن للعلاج النفسي. ودائماً ما نقوم بذلك لأننا نحاول إثبات شيء ما لأنفسنا أو نحاول إخفاء مشاعر عدم الكفاءة. ويؤسفني أن أقول بأن ذلك أشبه بإضافة طبقة أخرى من الطلاء على جدار يتشقق ويتقشر وهذا الأمر لن ينفعنا على الإطلاق.
من خلال هذه المعطيات عليكِ أن تعلمي يا عزيزتي أن تطوير الذات للمرأة يبدأ في اللحظة التي تتوقفين فيها عن السعي للكمال وتنظرين إلى نفسك كما أنتِ. لقد ولدنا جميعاً بمواهب فطرية خاصة بنا بالتالي ما ينبغي لنا القيام به هو تنمية هذه المهارات والمواهب التي نتمتع بها بالفعل بدلاً من محاولة الانتقال إلى معيار واحد قد وضعه أحدٌ ما.
ما يحدث على مدار حياتنا هو أننا دائماً ما نراكم مهارات وعلوم نعتقد أننا يجب أن نمتلكها من أجل تحقيق النجاح والسعادة. ودائماً ما يوصي استشاريو تطوير الذات بالمزيد من التنمية ونحن نكون بالفعل نعمل على ذلك ممّا يعمينا عن الإحساس بعظمتنا.
للحصول على النصيحة المثالية، استشر مستشارك الخبير من هنا
كيفية تطوير الذات للمرأة بالطريقة المثلى
بعد أن تعرفنا على مفهوم تطوير الذات للمرأة وكيف أنه يختلف عن المفهوم العام لتطوير الذات. ومن خلال تجربتي الشخصية مع الكثير من النساء أستطيع أن أقترح عليكِ خمس طرق فعالة لتطوير الذات والتنمية الشخصية بالنسبة للنساء.
1. قدر قيمة نفسك
أول ما يجب على أي انثى القيام به هو تقدير الذات. كبداية اعرفي أنك كافية وتستحقين وليس من الضروري أن ترهقي نفسك. لا يوجد شيء آخر تحتاجين للقيام به أو أن تكوني مختلفة من أجل أن تكوني جديرة. يمكنك إخبار نفسك بأنك جديرة بكل ما تحلمين به وتأملي فيه.
في الحقيقة يوجد تمرين دائماُ ما أنصح به عملائي وهو الذهاب إلى مكان هادئ لمدة 10 دقائق يومياً وممارسة التأمل فقط. أغمضي عينيكِ وخذي أنفاساً عميقة عدة مرات. لاحظي تدفق الهواء داخل صدرك وحددي الأحاسيس التي تشعرين بها. تخيلي بأنك مثالية في هذه اللحظة وصدقيني سيأتي هذا الشعور لأنك مثالية بالفعل. على الرغم من أن الأمر قد يبدو بسيطاً للغاية ولكن خلال تكراره لعدة أسابيع سيتم إعادة برمجة عقلك لتشعري بمزيد من الرضا عن ذاتك.
2. التخلي عن المهام الزائدة
عندما أقول التخلي عن المهام الزائدة لا أدفع بذلك نحو الكسل. بل أقول ذلك بسبب النمطية التي يفرضها علينا المجتمع دافعةً بنا لتقديم المزيد والمزيد. بالتالي يجب أن نكون أكثر وعياً للمهام التي يجب علينا تنفيذها بحق، والمهام التي ترضي مقاييس شخص آخر. لذا يجب أن تؤدي المهام وتتعلمي المهارات التي تجعلك أفضل بحسب مقاييسك أنتِ فقط كوني عملية أكثر.
بالرجوع إلى الخطوة الأولى وتقدير ذاتك بالشكل الكافي يمكنك التوقف عن ملاحقة جميع الأشياء التي كنتِ تسعين إلى تحقيقها لإثبات نفسك. الخروج من سباق الفئران هذا لا يتطلب منك سوى قرار واحد وهو التخلي عن المهام الزائدة بعد أن تقدري نفسك بالشكل الكافي.
3. فرز المهام المهمة عن تلك التي لا تهم
قبل التخلص من المهام الزائدة لابد من معرفة أيها مهم لتطوير ذاتنا وأيها قشر لا فائدة ترجى منه. ببساطة يمكنك استخدام ورقة وفرزها إلى قسمين قسم للأمور المهمة وقسم آخر للأمور الغير هامة. ابدئي في البحث عن المهام التي تؤدينها في عملك وحياتك لتعرفي ما ينشطك وما الذي يستنزف طاقتك.
عليك أن تعلمي أن جسدك حكيم فعندما يحاول عقلك إخفاء المشاعر سيزودك جسدك بالحقيقة. بالتالي عليك استخدام جسدك لتزويدك بما تحتاجين لا تفكيرك. على سبيل المثال قد نجد الكثير من النساء اللواتي يبدون ناجحات في أعمالهن أو يعتقد الجميع أنهم كذلك ومع كل هذا قد لا يشعرن بذلك. دائماً ما يشعرون بالثقل والإرهاق ويجدون صعوبة في التوفيق بين عقولهن وأجسادهن. حيث أن عقولهن تخبرهم بأن ما يفعلونه مهم جداً ولكن للجسد قصة مختلفة تماماً. بالتالي لم يكن هذا النجاح مفيداً لهم فقد فقدوا الفرحة والحرية. والغاية الحقيقية من تطوير الذات للمرأة هو الشعور بالرضا في المقام الأول لا كثرة الإنجازات.
4. حددي نقاط قوتك الفطرية
تطوير الذات للمرأة يتطلب التركيز على نقاط القوة أكثر من نقاط الضعف. خذي بعين الاعتبار أن نقاط قوتك هي جزء من ذاتك الحقيقية وعندما نعززها يمكننا التغلب على نقاط الضعف بشكل تلقائي لأننّا سنقوم بكل شيء بما يتناسب مع نقاط قوتنا وحكمتنا الفطرية.
بالنسبة لبعض الأشخاص قد يكون اكتشاف وتعزيز نقاط القوة أمراً بسيطاً ولكن قد يكون ذلك صعباً بالنسبة لقسم كبير من الأشخاص. أعرف الكثير من العملاء الذين كانوا يواجهون الكثير من الصعوبة في تحديد نقاط قوتهم بالتالي يمكنك البدء في الحصول على استشارة فعالة في هذا المجال. كما يجدر بي الإشارة إلى أن نقاط القوة الفطرية لا تستنزف طاقتك كنقاط القوة المكتسبة.
للحصول على النصيحة المثالية، استشر مستشارك الخبير من هنا
5. تنفيذ القليل من المهام في فترات متقطعة
أحد الأخطاء الجسيمة التي تقع فيها الكثير من النساء أنها تنظر إلى تطوير الذات للمرأة كأنه مشروع كبير يجب إنجازه خلال فترات قياسية. وهذا الأمر يخلق شعوراً بالرضا ولكن دعيني أخبرك أن شعور الرضا هذا مزيف وسرعان ما ستقفزين إلى مشروع آخر.
في الحقيقة يتعلق تطوير الذات بالتغيرات الصغيرة والمتسقة وهو ما يصنع كل الفارق. بالنظر إلى فيزيولوجية النساء يمكنني القول بأن 90% من النساء يواجهن صعوبات بالغة في العمل بشكل متواصل. والمحبط أن الطريقة التي يتبعها معظم الناس هي الإفراط في العمل حيث يبذلون كل جهدهم خلال فترة قصيرة من ثم يوقفون انتباههم وجهدهم بنفس السرعة. ممّا يؤدي إلى إنجازات أقل وجهد أكبر فكل صعود سريع سيليه هبوط بنفس سرعته.
المؤشرات التي تدل على السلوكيات الخاطئة في مجال تطوير الذات للمرأة
في جميع فقرات المقال كنت أحذر من أننا كنساء دائماً ما نحاول إثبات أنفسنا من خلال السعي للتطور والنمو بشكل مبالغ فيه. وفيما يلي سأذكر لكم أبرز السلوكيات التي تدل على أننّا في الطريق الخاطئ.
- عندما تذهبين للحصول على شهادة أو درجة أو دورة أخرى لتشعري بالثقة وأن لديك قيمة.
- في حين كنتِ تعملين لساعات أطول وتقدمين خدمات أكثر من المتوقع في العمل.
- في حال أحسستِ بالمسؤولية بشكل مبالغ فيه عن مشاعر الآخرين وردود أفعالهم.
- عند المبالغة بالالتزام لأنك تخشين أن تقولي "لا" اعرفي أنك في الطريق الخاطئ.
- في حال كانت خطوطك الحمراء سهلة الاجتياز وتستسلمين لرغبات الآخرين بسهولة.
عليكِ أن تعلمي أن اتخاذ قرار بالتوقف عن فعل الأشياء الغير ضرورية سيشكل تغيراً جذرياً في حياتك. افعلي ما يهمك فقط حيث أن هذا سيسمح لك في العيش بوعي أكبر ويمنحك رضاً حقيقياً عن النفس وهذا هو تطوير الذات الحقيقي بعيداً عن جميع الممارسات التي قد لا تعود عليكِ إلّا بالمزيد من الجهد.
الخلاصة
في نهاية المطاف ينبغي أن تعلمي سيدتي بأن تطوير الذات للمرأة لا ينبغي أن يكون صعباً بل يجب أن يكون مختلفاً فقط. وهذه الخطوات التي ذكرتها في المقال كانت ناجحة مع الكثير من النساء وأنا أعلم مدى فعاليتها. ولكن الخطوات قد تختلف من امرأة لأخرى بحسب الوضع الاجتماعي والنفسي، لذلك أوصي باستشارة خبيرة في مجال تطوير الذات للنساء.